responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 189
الْأَوَّلِ، لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ يَشْتَمِلُ عَلَى نِعْمَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ: النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ، وَنَعِيمُ الْجَنَّةِ.
وَمَعْنَى فَقَدْ فازَ نَالَ مُبْتَغَاهُ مِنَ الْخَيْرِ لِأَنَّ تَرَتُّبَ الْفَوْزِ عَلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ وَالزَّحْزَحَةِ عَنِ النَّارِ مَعْلُومٌ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِ الشَّرْطِ إِلَّا لِهَذَا. وَالْعَرَبُ تَعْتَمِدُ فِي هَذَا عَلَى الْقَرَائِنِ، فَقَدْ يَكُونُ الْجَوَابُ عَيْنَ الشَّرْط لبَيَان التحقّق، نَحْوَ قَوْلِ الْقَائِلِ: مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَقَدْ يَكُونُ عَيَّنَهُ بِزِيَادَةِ قَيْدٍ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً وَقَدْ يَكُونُ عَلَى مَعْنَى بُلُوغِ أَقْصَى غَايَاتِ نَوْعِ الْجَوَابِ وَالشَّرْطِ كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقَوْلِهِ: رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ، وَقَوْلِ الْعَرَبِ: «مَنْ أَدْرَكَ مَرْعَى الصَّمَّانِ فَقَدْ أَدْرَكَ» وَجَمِيعُ مَا قُرِّرَ فِي الْجَوَابِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الصِّفَةِ وَنَحْوِهَا كَقَوْلِهِ: رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا [الْقَصَص: 63] .
[186]

[سُورَة آل عمرَان (3) : آيَة 186]
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)
اسْتِئْنَافٌ لِإِيقَاظِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَا يَعْتَرِضُ أَهْلَ الْحَقِّ وَأَنْصَارَ الرُّسُلِ مِنَ الْبَلْوَى، وَتَنْبِيهٌ لَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا مِمَّنْ تُوهِنُهُمُ الْهَزِيمَةُ فَلَيْسُوا أَحْرِيَاءَ بِنَصْرِ الْحَقِّ، وَأَكَّدَ الْفِعْلَ بِلَامِ الْقَسَمِ وَبِنُونِ التَّوْكِيدِ الشَّدِيدَةِ لِإِفَادَةِ تَحْقِيقِ الِابْتِلَاءِ، إِذْ نُونُ التَّوْكِيدِ الشَّدِيدَةِ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّوْكِيدِ مِنَ الْخَفِيفَةِ.
فَأَصْلُ لَتُبْلَوُنَّ لَتُبْلَوُونَنَّ فَلَمَّا تَوَالَى ثَلَاثُ نُونَاتٍ ثَقُلَ فِي النُّطْقِ فَحُذِفَتْ نُونُ الرَّفْعِ فَالْتَقَى سَاكِنَانِ: وَاوُ الرَّفْعِ وَنُونُ التَّوْكِيدِ الشَّدِيدَةِ، فَحُذِفَتْ وَاوُ الرَّفْعِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَصْلًا فِي الْكَلِمَةِ فَصَارَ لَتُبْلَوُنَّ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي تَصْرِيفِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَتَسْمَعُنَّ وَفِي تَوْكِيدِهِ.

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست